المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحلة الى قابس في 20 جويلية 1835 : المصدر كتاب رحلة المبشر ايفالد



google france
11-14-2010, 02:20 PM
رحلة الى قابس في 20 جويلية 1835 : المصدر كتاب رحلة المبشر ايفالد


رحلة الى قابس في 20 جويلية 1835




قابس في 20 جويلية 1835
بين صفاقس وإقليم قابس الذي يشتمل على ثلاثة وثلاثين قرية مسافة تناهز بحرا مائة ميل. ونظرا إلى خطورة الطريق البري لأن بدوه نصف متوحشين يسيطرون على المسالك ويجعلونها غير آمنة ,ونظرا إلى قلة حركة السفن فقد إكتريت مركبا يملكه ويقوده مالطي . وإتفقنا على أن ينقلني هو ورجاله الثلاثة إلى إقليم قابس . وفي مساء الأحد ’ الثاني عشر من الشهر الجاري , هبت ريح ملائمة أبى الربان إلا أن يستغلها فأشار بالرحيل فإمتطيت بإسم الذي يحكم الأمواج ظهر المركب الضيق . ونشر الشراع وما هي إلا دقائق معدودة حتى تركنا صفاقس بعيدا خلفنا . وفي الحين إنتابني كالمعتاد دوار البحر. وعندما حل الليل إتضح أن صاحبنا قائد المركب لم يسبق له بتاتا أن قام بمثل هذه الرحلة فكان يجهل الطريق تماما ,مما حدا به إلى الإرساء مكانه في إنتضار طلوع النهار . وساءني هذ الوضع إلى أقصى حدود الإستياء لأني توقعت أن السفرة ستكون طويلة وشاقة لا سيما وأني أتكلت على رائس غير حاذق لا عهد له البتة بالطريق المؤدية إلى قابس طوال ساحل البحر, حيث بعض الصخور الناتئة والأرصفة الرملية التي يتعين تفاديها بمهارة . وما كان بيدي سوى الإستسلام إلى مشيئة الرب مادام سلطان الكذب قد طغى بصفة خاصة على عباد هذه البقاع. فقبيل إقلاعنا من صفاقس تظاهر هذا الربان بأنه يعرف أدنى شبر من الساحل المذكور خير معرفة ولولا ذلك لما اطمأننت إليه


واستسلمت للأمر المقضي وصبرت الصبر كله في انتظار الصباح ولما طلع واصلنا سفرنا. ولكن ما كنا نسير نحو ساعة حتى أخذت الرياح تنفخ بشيء من العنف فإدعى الرائس الجبان أن مركبه غير قادر على مواجهة تلاطم الأمواج وعرج صوب البر وأرسى وجعل يدخن غليونه في أتم راحة البال. ومكثنا على هذا الحال حتى العشية ومع إنسدال الليل أرسينا من جديد. وهكذا لم نصل ضفاف قابس إلا في اليوم الثالث بعد أن ذقت الويل خلال هذه السفرة القصيرة المدى , من جراء دوار البحر وبسبب حرارة الشمس اللاذعة التي يكون مفعولها على البحر الساكن أشد منه على الأرض اليابسة . ولكني جوزيت على شقائي بأن فوجئت بمنظر واحات النخيل الفتان. التي تزين الضفاف وتترامى بعيدا داخل البلاد . وليست هذه أول مرة أشاهد فيها نخلا ولكني لم أشاهد قبل ذلك قط غابات منه في نفس الكثرة ونفس النضارة الخلابة. ولا ينضج التمر إلا في شهر أكتوبر . وعند الظهر ولج بنا المركب نهر قابس الذي يصب في البحر . وهو ضيق قليل العمق لا تصله لأجل ذلك السفن الكبيرة وحتى الصغيرة منها لا تتوغل فيه إلا ساعات المد . ويشكل ولوج هذا المجرى خطورة بسبب الرصيف الرملي الذي يفصل بينه وبين البحر الذي لا يبرز للعيان إلا ساعات الجزر . وكم مرة تاهت سفن في هذا الرصيف الرملي فساخت فيه



وبعد ان أرست بنا السفينة نزلت ومعي نوتي ليرافقني إلى أهم قرى المكان وتدعى المنزل وتقع على قدر نصف ساعة من النهر المذكور وسار بنا الطريق صاعدا صعودا هينا وبعد فترة وجيزة لاحت أمامنا قرية المنزل في حين بانت يسارنا قرية أخرى تسمى جارة ومنطقة قابس بأسرها منطقة جبلية وتعتبر قرية المنزل أهم قراها ومركزها الرئيسي ومن ثم حرصت قبل مجيئي على التزود برسائل توصية تفيدني في هذا المكان حيث لم يكن يقم أي مسيحي . فمن أربعة أعوام كان من باب التهور أن يحل هنا نصراني دون حراسة هامة . بيد أن المالطيين تطرقوا إلى هذه الجهة كغيرها أيضا وصاروا يقبلون من حين إلى حين لتعاطي التجارة. وفي هذه الفترة بالذات يوجد هنا رجل مالطي غريب الأطوار يدعى السيد "ف.." إستقر منذ أربعة أشهر , وإليه جئت بخطابات توصية. كانت الشمس فوقنا ترسل أحر وهجها وقبل أن أبلغ مأربي كنت أتصبب عرقا وثيابي مبتلة وكأنها غمست في الماء .


ولما علم شيخ المكان بقدومي أرسل في الحين طبقا من الكسكسي معلنا انه سيلحق ليشاركنا الأكل .وبعد الغداء خرجت للفرجة على المكان . ويبلغ عدد سكان المنزل من العرب نحو خمسة آلاف ساكن . إلا أن ما يكتنف هذا الموقع من قاذورات وحشرات ضارة ووسخ يتحدى كل التصورات. ولا يعتبر هؤلاء السكان كغيرهم من أهالي قابس عموما من المسلمين الحضر بل من الأعراب ولو أنهم لا يسكنون الخيام بل ضربا من الديار هي أقرب إلى الأفنية ويقال لها حوش والفناء عبارة عن ساحة يحيط بها جدار ولها باب . وفي هذا الفضاء توجد الخيول والبقر والمعز والطيور .. وفي ركن من أركانه يوضع السرير تحت سقف من سعف النخيل تستره الستائر وفي ركن آخر يوجد المطبخ وفي موضع آخر غرفتان أو ثلاث غرف من طين وحجارة عديمة النوافذ


ويمتاز رجال قابس بحسن المظهر والقد الممشوق والأعين السود والنية القوية والهيئة المهيبة . وهم فرسان مهرة ورماة بارعون شأنهم في ذلك شأن كل الشعوب الجبلية لكنهم كسالى يستنكفون من العمل. وتقوم النساء بجميع شؤون المنزل وأعمال الحقل ما عدا الحرث ويظهر النساء هنا دون لحاف ويبدين ولعا بالغا بالحلي فتراهن يتحلين بأقراط مفرطة في كبر الحجم وبأطواق للرقبة والجبين وبأسورة وخلاخيل مصنوعة من الذهب أو الفضة أو النحاس . ويتوازى لباس الفقيرات منهن والغنيات من حيث الطراز والهيئة. وهو يتمثل في ثوب من القطن يصل إلى الكعبين ينحسر في مستوى الخاصرتين ثم يتجزأ من هذا المستوى فصاعدا إلى جزئين أحدهما يستر الصدر والآخر الظهر ويقفل عند الرقبة بواسطة إبزيم من فضة وهكذا يظل جانبا الجسم دوما عاريين . ثم أنهن يوشمن وجوههن لا سيما من الذقن إلى الشفتين. إن كميات الأحجار المنحوتة والأعمدة المرمرية الموجودة قرب "المنزل" لدليل قاطع على أنه كانت هناك في الجوار مدينة كبيرة قائمة الذات . إلا أني لم أتمكن من العثور على أية كتابة حجرية . ومن المحتمل أن المستعمرة الرومانية العتيقة كانت تبعد عن هذا المكان مسافة نصف ساعة . كما أني إكتشفت ثلاثة صهاريج أحدهما في حالة جيدة من الصيانة والحفظ . ويتداول العرب خرافات كثيرة في شأن عظمة هذه المدينة البائدة. وحسب رواياتهم فإنها كانت تشتمل على خمسين ساحة سوق تجمع كل واحدة منها خمسمائة دكان . ويوجد اليوم قرب هذه الآثار قرية صغيرة تدعى سيدي أبو لبابة يحجر دخولها على اليهود والنصارى على حد سواء لأنها تؤوي رفات ولي صالح عظيم الشأن . يزعم أنه كان حلاق الرسول. ومن المحتمل أن تربة هذه الناحية خصبة . إلا أن الأهالي الكسالى لا يوفون الغرس حقه . لذا تكاد مواد المعيشة تكون منعدمة خصوصا بالنسبة إلى الأوروبي الذي يتضايق كثيرا أن أبى أن يحذو حذو العرب فيقنع بالخبز والزيت


إن العربي أصيل المكان يقضي طوال النهار في الظل يستمتع بالراحة أو مستسلما للنوم ( تعليق : لمذا لم يسأل هذا الأوروبي نفسه من أقام الواحات الضخمة لقابس أليسوا سكانها الذي ينعتهم بالكسل ). ولئن توفرت لدى الحضر من المسلمين إمكانيات تقصير الوقت كالتدخين ولعب الدامة وما شابه ذلك والجلوس في المقاهي أو دكاكين الحلاقين للثرثرة أو الذهاب إلى الحمامات , فإن الأعرابي لا يعرف من كل ذلك شيأ . وهو لا ينتزع من راحته إلا إذا أعلن عن حالة حرب أو إذا انتظمت عملية سلب ونهب . حينذاك تراه يسارع بتجهيز حصانه وتقلد سلاحه وفي لحظة يكون على أتم الاستعداد لخوض غمار المعركة وعندها يشعر الأعرابي بأنه قد رد إلى عنصره وإلى بيئته الحقيقية ( تعليق : هنا يظهر الأوروبي عنصريته وينسى أن الغرب هو أكبر سفاح بامتياز وأن ما يقوم به هؤلاء لا يقارن بما يقوم به الغربيين في ذلك الزمن إلى يوم الناس هذا) وليست مثل هذه المناسبات بالقليلة لأن مختلف قبائل الجهة تكاد تكون في حرب مستمرة مع بعضها. وفي الوقت الراهن بالذات وأنا مقيم بالمكان, فإن المعركة قائمة بين المنزل وجارة ذلك أن جارة أجرت قناة ماء جديدة فعمدت قرية المنزل إلى صدها وفي الحين التجأ القوم إلى السلاح. وفي إحدى الليالي قامت جارة بغارة على المنزل فسالت الدماء وانسحب المهاجمون ومنذ ذلك الحين خمدت المعركة ولا أحد يدري كم ستدوم الهدنة .
تعيش بين السكان العرب (http://www.tunisia-cafe.com/vb/showthread.php?t=13830) مائة وخمسون أسرة يهودية يعانون الفقر المدقع ويتعاطون شتى الصناعات. وهنا رأيت لأل مرة حدادا يهوديا . وترتدي نساء اليهود ما ترتديه نساء العرب إلا أنهن لا يوشمن وجوههن ( تعليق : نرى هنا مدى الضلال الذي أصاب المسلمين في ذلك الوقت ) وأديت الزيارة للحبرين وأجريت معهما حديثا مباركا . ولم أجلب معي سوى ستين نسخة من الإنجيل وبالتالي لم تلب كل الطلبات. ولم يسبق لهؤلاء المساكين أن سمعوا شيئا عن دين المسيح


المصدر : رحلة المبشر إفالد






منتديات تونيزيا كافيه forum tunisia cafe
مع تحيات منتديات تونيزيا كافيه
http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php

gem
11-19-2010, 12:32 AM
رحلة الى قابس في 20 جويلية 1835 : المصدر كتاب رحلة المبشر ايفالد
:Tunisia cafe:

صديق الجميع في تونس والعالم العربي
11-19-2010, 06:20 PM
رحلة الى قابس في 20 جويلية 1835 : المصدر كتاب رحلة المبشر ايفالد
رحلة الى قابس في 20 جويلية 1835 : المصدر كتاب رحلة المبشر ايفالد