الدكتور أحمد المناعي عضو بعثة المراقبين العرب إلى سوريا يوجه برسالة مفتوحة إلى رئيس الدولة المؤقت محمد المنصف المرزوقي بخصوص دعمه لمشروع رعاة البقر ورعاة الإبل لتدمير سوريا .




رسالة مفتوحة للمرزوقي من أحمد المناعي عضو بعثة المراقبين العرب في سوريا

[gdwl]

Lettre ouverte au Président Merzouki رسالة مفتوحة للمنصف المرزوقي

أحمد المناعي يوجه رسالة مفتوحة

للمنصف المرزوقي

أدعوك للقطع مع أحلام رعاة البقر ورعاة الإبل ....

-التونسية- 29-03-2012
محمد بوغلاّب

تنفرد التونسية بنشر رسالة كتبها الدكتور أحمد المناعي عضو بعثة المراقبين العرب إلى سوريا موجهة إلى رئيس الدولة المؤقت محمد المنصف المرزوقي يدعوه فيها إلى مقاطعة قمة أصدقاء الشعب السوري التي ستنعقد باسطنبول التركية يوم 1 أفريل القادم.
والدكتور المناعي هو رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية ومستشار محكمة بروكسال للعراق التي أنشئت سنة 2003 ورئيسها الشرفي هو مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي السابق ، وقد قضى الدكتور أحمد المناعي ثمانية عشر عاما في المنفى(1991-2008) وتعرض لثلاث محاولات إغتيال ، وقد أصدر سنة 1995 كتاب"الحديقة السرية لبن علي" كشف فيه الوجه القذر لمنظومة الاستبداد .

وفي ما يلي، نص الرسالة:

السلام و التحية اللائقين بالمقام
قبل الخوض في موضوع الرسالة, يقتضي الصدق أن أصارحك بأني لم انتخبك ولم أنتخب أحد مرشحي حزبك لأني أعرفك منذ 32 سنة كما أني لم أنتخب أحدا من مرشحي حزبي الأغلبية الآخرين لأني أعرف زعماءهما من44 سنة في خصوص الأول و من 25 سنة في خصوص الثاني، ولكنك الرئيس المؤقت الشرعي المنتخب من مجلس تأسيسي شرعي، ولكوني أحترم الشرعية فإني أحترمك بصفتك تلك. و قد فكرت جديا في تهنئتك بانتخابك غير أني أقلعت عن ذلك نظرا إلى الأثر العميق الذي تركته في نفسي صورتك وأنت تهتف مع بعض الشبان الليبيين لمقتل العقيد معمر القذافي رحمه الله و التمثيل بجثته.
سيدي الرئيس ،
أكتب لك بخصوص الموقف التونسي من سورية, الذي تميز بالخروج عما عهدنا من الدبلوماسية التونسية منذ الاستقلال، فقد سبقت تونس غيرها من البلدان العربية في التصويت علي تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وهي أحد الأعضاء السبعة المؤسسين للجامعة العربية سنة 1945، كما سبقت تونس غيرها في طرد السفير السوري الغائب ثم في دعوة السفير التونسي من دمشق و قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وقد تم كل ذلك بارتجال فاجأ حتى السفير التونسي في دمشق
.
سيدي الرئيس،
في مبادرة فريدة في تاريخ الجامعة العربية، صادق مجلس وزراء الخارجية العرب على مبادرة تخص سوريا لغاية مساعدة هذا البلد الشقيق على حل أزمته السياسية، وقد اقتضت هذه المبادرة إرسال بعثة من المراقبين العرب للاطلاع على حقيقة الأمور ورفع تقرير في هذا الشأن للجنة الخاصة بسوريا في الجامعة العربية، وقد تم ذلك وأنجز المراقبون العرب ما أنيط بعهدتهم وحرّروا تقريرا موضوعيا, مهنيا وأمينا تقدم به رئيس البعثة إلى مجلس الجامعة بتاريخ 17 جانفي 2012. وقد انتهى التقرير فيما انتهي إليه, إلى أنّ السلطات الأمنية والعسكرية السورية لم تكن تلجأ إلي إطلاق النار إلا للرد على المسلحين والدفاع عن النفس، ولعل هذا هو الذي أغاض بعض الدول المستعجلة في تدمير سوريا ودفعها إلى دفن التقرير والإسراع برفع القضية إلى مجلس الأمن أملا في أن يشرّع الأخير لما شرّع له سابقا في شأن ليبيا، غير أنّ هذا المسعى فشل فشلا ذريعا كما تعلمون.

وفي يوم24 فيفري 2012، احتضنت تونس ندوة لما سمي بأصدقاء سوريا ولا أحد يعتقد أن بلدا واحدا ممن حضر ممثلوها هذه الندوة يستحق هذا النعت، فقد كان من هذه البلدان من سلّح الإرهابيين وفيهم من درّبهم وفيهم من موّلهم وفيهم من وفّر لهم الدعامة الإعلامية وفيهم أيضا من انتدبهم من الشرق والغرب، وكلهم اجتمعوا على تدمير سوريا والسعي إلى تفكيك دولتها.
و قد حضر الندوة أيضا ما يسمى بالمجلس الوطني السوري وهو مجلس اختارت قيادته وأعضاءه المخابرات الغربية والعربية، وهي التي تحرك رأسه وأعضاءه، وهي التي تملي عليه برامجه ومخططاته، وهي التي تغدق عليه المال بسخاء ما دام يطالب بما تطالب به هي أي التدخل العسكري.

و في نفس اليوم، وبالموازاة مع ندوة السياسيين، احتضنت تونس ندوة القيادات الاستخبارية لدول عربية وغربية لبحث خطط غزو سوريا وتفكيك دولتها وتشريد شعبها، وإنّ ما صرّحتَ به يومها من أنّ تونس ترفض التدخل العسكري في سوريا كان موقفا سليما، لكنك تعلم جيدا أنّ القوى الكبرى لن تستشيرك ولن تعبأ بموقف تونس إذا ما هي قررت التدخل العسكري.

سيدي الرئيس
إذا كان لا بد لتونس أن تتدخل في الشأن الداخلي السوري، وهو أمر مرفوض حسب مبادئ الأمم المتحدة والجامعة العربية، وإذا كان لابد لها أن تؤيد المعارضة السورية، فلماذا لم تؤيد الطرف المعارض الوطني الذي يرفض التدخل الأجنبي مثلك ومثل تونس التي تمثّلها إضافة إلى أنّ هذا الطرف الوطني الرافض للتدخل الأجنبي هو الأكثر تمثيلا في الداخل و ليس له في الخارج إلا ناطق رسمي هو هيثم منّاع أنت تعرفه مثلما أعرفه وسبق له أن قدّم لك خدمات كثيرة أهمها أنّه عيّنك رئيسا للجنة العربية لحقوق الإنسان يوم أسسها في جانفي 1998 في باريس إضافة إلى تولّيه الدفاع عنك طوال عقدين من الزمن.

سيدي الرئيس
في يوم 11/2/2012 حدث اشتباك مسلح بين قوات الأمن التونسي ومجموعة مسلحة أسرع وزير الداخلية بالتصريح بانتمائها للقاعدة وأسرع وزير الدفاع الوطني بطلب المساعدة الأمريكية لحماية حدودنا الوطنية.
إنّ من حقّ بل من واجب كل دولة ديمقراطية أو دكتاتورية أن تحفظ أمن مواطنيها وسلامة الوطن، ولعلك تذكر الخلاف حول هذا الموضوع الذي قطع بيني وبينك حبل الود في الندوة التي نظمها هيثم منّاع بالذات في باريس سنة 2004.
وإذا كان اشتباك مع مجموعة من 20 شخصا بأسلحة خفيفة قد برّر الموقف التونسي فماذا تُرى الحكومة السورية أن تفعل وهي تجابه عشرات المجموعات من القاعدة مسلحوها بالآلاف وأسلحتها من أرقى ما صنعت الترسانة الغربية يساندهم تحريض ديني وإعلامي منذ أكثر من سنة.

سيدي الرئيس
لقد حسم الجيش العربي السوري أمر المسلحين على الأرض وحسمت القيادة السياسية وحلفاءها أمر الحرب الدبلوماسية وقضت سوريا شوطا بعيدا في الإصلاحات السياسية، وتراجعت العدوانية لأغلب البلدان الاستعمارية وبدأت مع مهمة كوفي عنان جولة من المفاوضات قد تستمر حتى آخر السنة لكنها ستكون مفاوضات مع الحكومة السورية وليس من وراء ظهرها، وستكون مفاوضات بين الكبار ولن يكون للصغار بمن فيهم إمارة قطر العظمى أي دور فيها.
لكل هذه الاعتبارات، أدعوك سيدي الرئيس أن تجنب تونس المضيّ في الخط الذي سارت فيه مكرهة وأن تقاطعوا ندوة اسطنبول التي ستنعقد في أول الشهر المقبل حيث ستكون ندوة الوداع للأحلام والأوهام التي سيطرت على أذهان رعاة البقر والبعض من رعاة الإبل، ويكفي تونس أن تكون قد ساهمت رغم أنفها في احتلال ليبيا.

و تقبلوا سيدي الرئيس فائق الاحترام والتقدير.
أحمد المناعي
[/gdwl]