هل شرّع المرزوقي لإقالته واقالة الجبالي؟




اذا كان اعتراف الرئيس المؤقت محمد منصف المرزوقي بأنه "اصيب بالجنون" مرّ في الخفاء ومثّل فقط مادة اعلامية عادية، فان الأمر يمكن أن يختلف اذا ما تم تناول " التصريح-الاعتراف" من الناحية القانونية والدستورية.
فاعتراف رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي في الحوار مع مؤسس موقع "ويكيليكس" جوليان اسانج عبر الانترنات والذي بثتّه قناة روسيا اليوم أنه "جنّ خلال سجنه الانفرادي" والذي لم يتجاوز 4 أشهر سنة 1993 وأنّ فترة سجنه الانفرادي جعلته يتحدث مع نفسه مستفهما في ذات السياق كيف لحمادي الجبالي الذي قضا 10 سنوات من عمره أن يخرج سليما؟.
تصريحات كان يمكن أن لا تمر مرور الكرام، وكان يمكن أن يفتح فيها بحثا قانونيا وطبيا لمعرفة مدى خطورة ما صرح به المرزوقي وخطورة تأثيرات السجن على مداركه العقلية والذهنية.
تصريحات المرزوقي لم تورطه هو فقط، بل ورطت أكثر رئيس الحكومة حمادي الجبالي وعدد من أعضاء حكومته الذين قضوا سنوات وراء القضبان أغلبها في سجن انفرادي زمن حكم بن علي... ولا ننسى أن الرئيس الحبيب بورقيبة أقيل بسبب ضعف مداركه العقلية وبناء على شهادة عدد من الاطباء ضده مما مكن بن علي من الصعود الى الحكم والبقاء جاثما على قلوب التونسيين طيلة 23 سنة كاملة.
ما صرح به المرزوقي يعيد الى الاذهان كذلك مطالبة بعض نواب المعارضة وبعض الشخصيات السياسية واطراف من المجتمع المدني بإعادة تشكيل الحكومة وضرورة عرض المسؤولين الجدد على الاختبار الطبي للتأكد من سلامتهم الجسدية والذهنية وعدم تأثير سنوات السجن على صحتهم وقدراتهم خاصة أن مسؤولياتهم ستكون جسيمة وان مستقبل البلاد ككل سيكون بين أيديهم.
والمفروض ونحن اليوم بصدد كتابة الدستور ان لا نغفل على هذا الموضوع الذي افتقدته كل الدساتير العربية تقريبا باستثناء التي يجب أن تنص على سلامة المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية عقليا. والدستور الوحيد الذي أشار الى سلامة رئيس الجمهورية هو الدستور السوداني لعام 2005 الذي نص على ذلك صراحة في الشرط الثاني من المادة 53وفي الدستور العراقي الجديد لعام 2005 في الشرط الثاني من المادة 65 حيث ألمح لذلك ضمنيا من خلال القول بشرط : "أن يكون كامل الأهلية " .. والمطلوب كذلك التنصيص في الدستور على سلامة الرئيس وأعضاء الحكومة عقليا ونفسيا وأن يذكر صراحة أنها ضرورة سابقة ولاحقة أي أنها تشمل من يترشح للمنصب وكذلك من كان في ذلك المنصب لاحتمال إصابته أثناء شغله له.
محمد سفيان المهداوي