القوى اليسارية والعلمانية والصراع مع قوى التطرف والاسلام السياسى

بدون رجعية ظلامية متطرفة ... العالم العربى سيلتحق بقطار التقدم والديمقراطية وحقوق الانسان . ان شاء الله



إخوانى وأخواتى العرب فى كل مكان ان ماتشهده بلادنا العربية حاليا من ثورات لشعوبنا المقهورة مئات السنيين ، من أنظمة وحكومات عربية مارست كل أنواع القهر والاضطهاد ، مستخدمين الدين فى ذلك -- اسوأ إستخدام ، حيث قدم المسلمون الاوائل اسوأ صور للخلافة والحكم ، فقد غابت عنهم الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الحقيقية ، والتاريخ أكبر شاهد على هؤلاء الحكام ومافعلوه بأسم الدين وإستخدامهم للشريعة فى غير محلها بالمخالفة لأهدافها ومقاصدها ، وصار الجميع على هذا الدرب حتى يومنا هذا ، حيث وجدنا على سبيل المثال السعودية تطبق الشريعة الإسلامية على عامة الشعب ، ولا يمكن تطبيقها على الأسرة المالكة الحاكمة ، كما أن الحاكم الذى يتكلم بأسم الشريعة هو من يسرق أموال الشعب ، ويحرمهم من الحرية وأبسط حقوق الإنسان ، وكذا وجدنا فى مصر-- أن الحاكم يضع نص الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع فى دستور البلاد ، فى حين كان الشعب المصرى يعيش تحت سلطة القهر والظلم والتعذيب والمحسوبية ، والحاكم وحاشيته يستبيحون أموال الشعب بشكل فج ، ثم قيام هذه الحكومات بشكل منظم بالقضاء على الاحزاب اليسارية والتقدمية الليبرالية الديمقراطية مما جعل المنطقة العربية تعيش أطول فترات الديكتاتورية بالعالم .
ثم جائت ثورة التكنولجيا الرقمية بالقنوات الفضائية والآنترنت ، وأتى معها جيلأً جديداً مُطلع ومُنفتح على العالم الليبرالى العلمانى ، فشاهد العدالة والحرية وحقوق الانسان من خلال هذه الأنظمة العلمانية ، والتى سعى الحكام العرب لتشويه صورتها ليستمروا فى كرسى الحكم هم واسرهم ، أطول مدة لكن هذا الجيل الجديد جيل الآنترنت فاجأ هؤلاء الحكام بهذه الثورات ومازال يحمل المفاجأت ، إلا أن هؤلاء الشباب حديثوا العهد ليس لهم من وحدة تجمعهم أو جماعة أو رابطة منظمة ، مما جعلهم ينفذون الثورات على أكمل وأجمل وجه ، إلا أن الصقور الجارحة الدموية المتأسلمة المتطرفة صاحبة التاريخ الطويل القديم ، والقائمة على الفكر الاقصائى الراديكالى المتطرف ونظام السمع والطاعة الذى يُحرم النقد والاختلاف وقبول الرأى الآخر ، فقد هبطت هذه الجماعات المتطرفة على الوليمة وأغتنمت الفريسة من بين يدى الصياد بعد أن هددته ولوحت له بالسيف البطار ، وسعت للأستيلاء على السلطة بصورة إنتهازية ، ولآن الشباب الليبرالى العلمانى واليسارى حديث العهد لا جامع له أو منظم تراجع أمام هذا العنف القادم مع كونهم الأكثر عددا ً ، وتيقن هؤلاء الشباب وهذه القوى أن بداية حرب جديدة بدأت مع قوى ظلامية أشد شراسة وعنف من سابقيها ، مما جعل الشباب والقوى اليسارية والليبرالية العلمانية يبدأون فى تنظيم صفوفهم لإنقاذ أوطانهم مرة آخرى ، ونحن نرى أن فترة الحرب ستمتد لأكثر من عشر سنوات وقد تقل اذا تحركت الدول الليبرالية وأدركت الخطر القادم وقامت بمساعدة هؤلاء الشباب ، وايضا على الاحزاب التقدمية أن تعيد نشاطها بعد سقوط هذه الأنظمة الأستبدادية بأن تعيد تنظيم نفسها وتتحد بتشكيل جبهة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية والعلمانية ببرنامج مشترك فى كل بلد عربى ضد هذا الغول القادم المدمر الذى سوف يحرق اليابس والأخضر لأن هؤلاء مجموعات من المتطرفين الجهلة الذين لا يؤمنون بالحرية ولا حقوق الانسان ولا يتقبلون الرأى الآخر وأكثرهم مشوش الفكر ، ويحمل صفات إجرامية عنيفة ، كما أن هذه الجماعات المتطرفة لايمكن أن تتفق مع بعضها البعض مثلما يحدث فى الصومال من تقاتل بين الجماعات المتطرفة فى صراعهم على السلطة ، لأن كلاً منهما يرى أن الآ خر كافر وانه وحده من يملك الحقيقة المطلقة ،
ولأنه لا يصح إلا الصحيح ، فكل ماهو ضد الضمير الإنسانى الحى الحر مصيره إلى زوال ، أى أنه يمكن للأحزاب اليسارية والقوى العلمانية فى المجتمعات العربية إذ كثفت من نشاطها ، أن تَحدَ من تأثير الإسلام السياسى السلبى على الحريات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والتحرر .
وعلى الدول الليبرالية أن تساعد القوى اليسارية والعلمانية ليكون لهم منابر إعلامية مثل القنوات الفضائية والصحف والمجلات ، وكذا تشجيع كتاب هذه القوى والنشطاء منهم معنويا وماديا ليقودوا شعلة التنوير لهذا الوطن المكلوم ، والذى ظل عقود من الزمن تحت وطأة الإستبداد بأسم الإسلام .
للنور [rainbow].[/rainbow]

الشيخ د مصطفى راشد استاذ الشريعة وعضو إتحاد الكتاب الافريقى الاسيوى ونقابة المحامين المصرية
http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php