السياسة الخارجية للجمهورية التونسية
السياسة الخارجية للبلاد التونسية
السيـاسة الخارجية
توفقت تونس بفضل نظرة قيادتها الاستشرافية والاستباقية للتطورات العالمية ولما أفرزته من تحديات ورهانات، إلى رسم سياسة داخلية وخارجية عقلانية ورصينة ومتوازنة أمنت التأقلم والانسجام مع جملة المتغيرات الإقليمية والدولية ومن التحول إلى موقع الفاعل في استحقاقاتها ومقتضياتها.
من أجـل علاقـات دولية أكثـر عـدلا وتـوازنا
انطلاقا من الثوابت والتوجهات التي وضعها الرئيس بن علي لسياسة تونس الخارجية والتي تتأسس في المقام الأول على حماية المصالح الوطنية وعلى جملة مبادئ الشرعية الدولية، دعت تونس إلى إرساء تصور لمستقبل العلاقات الدولية يقوم أساسا على إضفاء أبعاد أكثر إنسانية على هذه العلاقات وتفعيل قيم التعاون والتضامن والتآزر بين الأمم وتعزيز حوار الحضارات والثقافات.
تقدير دولي للمقاربة التونسية لمعالجة قضايا الأمن والتنمية
اعتمدت تونس مقاربة شاملة في معالجة كافة القضايا الأمنية والتنموية تقوم على تلازم أبعاد الأمن والسلم والتنمية، تجسمت في مبادرة الرئيس بن علي بالدعوة من أعلى منبر الأمم المتحدة سنة 1989 لتبني هذه المقاربة. ومثلت هذه الرؤية أساسا لتحرك تونس في إطار جهودها الرامية إلى إيجاد الحلول الملائمة لقضايا السلم والأمن الدوليين بمختلف جوانبها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وتدعم هذا التمشي من خلال إصدار مجلس الأمن خلال فترة رئاسة تونس له في فيفري 2001 ، بيانا أكّد فيه على الترابط القائم بين صنع السلام وحفظه وبنائه.
سبق تونسي في الدعوة إلى اعتماد مقاربة دولية لمكافحة الإرهاب
كانت تونس سباقة، منذ سنة1993، في الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي تحت إشراف الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وإلى اعتماد مدونة سلوك تؤسس لتعاون دولي وثيق في مكافحة هذه الظاهرة خدمة للسلم والأمن الدوليين.
وتمّ تبني هذه المبادرة من طرف المجموعات الإقليمية التي تنتمي لها تونس التي احتضنت خلال شهر نوفمبر 2007 بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي مؤتمرا دوليا حول مكافحة الإرهاب.
تكريس البعد التضامني في العلاقات الدولية
مثل نجاح تجربة التضامن في تونس لا سيما صندوق التضامن الوطني وما حققته من مكاسب وإنجازات في مجال مكافحة الفقر والنهوض بالمناطق المحرومة حافزا شجّع بلادنا على إضفاء بعد دولي على هذه التجربة وعلى التقدم بمبادرة إنشاء الصندوق العالمي للتضامن الذي تبنّته الجمعية العامة للأمم المتحدة بإجماع كلّ الدول الأعضاء في ديسمبر2002، كما أقرّت سنة 2005 اقتراحا تونسيا يقضي بجعل يوم 20 ديسمبر من كلّ سنة يوما دوليا للتّضامن الإنساني.
نحو تكافؤ فرص استفادة الشعوب من مزايا تكنولوجيات الإعلام والاتصال
تبنت الأمم المتحدة مبادرة تقدمت بها تونس سنة 1998 تتعلق بالدعوة إلى عقد قمة عالمية لمجتمع المعلومات تهدف إلى تقليص الفجوة الرقمية بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية.
وكان احتضان تونس للمرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات في نوفمبر 2005 حدثا عالميا متميّزا تجلى أساسا في الحضور الدولي المكثف غير المسبوق والذي ناهز الثلاثين ألف مشارك وعلى صعيدي التنظيم المحكم للقمة والقرارات والتوصيات المنبثقة عنها والتي تواصل تونس متابعة تنفيذها.
تونس عاصمة دولية للحوار بين الحضارات والثقافات والأديان
إيمانا منها بأهمية تكريس الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان ونشر مبادئ وقيم الاعتدال والوسطية، أطلقت تونس عديد المبادرات منها إقرار عهد قرطاج للتسامح سنة 1995 وإنشاء كرسي بن علي لحوار الحضارات والأديان سنة 2001 وإحداث جائزتين عالميتين، واحدة للتضامن وأخرى لدراسات الفكر الإسلامي المستنير، إضافة إلى الاحتضان الدوري لعديد الملتقيات والندوات في مجال حوار الحضارات انبثق عنها اختيار مدينة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية سنة 2009.
مشاركة مكثفة وفاعلة في عمليات حفظ السلام الأممية
شاركت تونس منذ تحول السابع من نوفمبر في خمس عشرة عملية حفظ سلام أممية خاصة بالقارة الإفريقية. وتشارك حاليا في بعثات أممية لحفظ السلام بكلّ من الكنغو الديمقراطية وأثيوبيا وإيرتريا والكوت ديفوار وجمهورية إفريقيا الوسطى.
نصرة قضايا الحق والعدل
حرصا منها على المساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار في محيطها الإقليمي والدولي، عملت تونس منذ الأيام الأولى للتغيير وبتوجيه من الرئيس زين العابدين بن علي، على التفاعل الجاد مع مجمل قضايا المنطقة وما تطرحه من تحديات ومخاطر تمثل تهديدا للأمن والاستقرار العالمي بالإسهام في الجهود الرامية إلى إيجاد الحلول المناسبة لهذه القضايا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وإنّ اختيار نقابة الصحفيين الفلسطينيين الرئيس زين العابدين بن علي الشخصية السياسية الأولى في العالم سنة 2006 ومنحه سيادته "درع القدس" يجسّمان عرفان الشعب الفلسطيني وتقديره لسيادته على مواقفه الثابتة والمبدئية في دعم القضية الفلسطينية
حرص على الوحدة الوطنية اللبنانية
حرصت تونس على تجسيد مساندتها وتضامنها مع الشعب اللبناني الشقيق في مختلف المحن التي مرّ بها وخاصة أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان في شهر جويلية 2006.
وقد تلقت تونس بارتياح عميق اتفاق الدوحة الذي توصل إليه الأشقاء اللبنانيون في 21 ماي 2008 والذي أنهى أزمة استمرت على مدى 18 شهرا.
حرص على معالجة الملف العراقي
اتخذت تونس منذ بداية الأزمة العراقية موقفا مبدئيا يقوم على تكريس مبادئ الشرعية الدولية واحترام سيادة الدول وسلامتها الترابية. وتساهم تونس في مختلف الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى استعادة العراق لأمنه واستقراره ووحدته الوطنية.
تعزيز اندماج تونس في فضاءات انتمائها الإقليمي والدولي
الفضاء المغاربي
شكل تكريس انتماء تونس واندماجها في محيطها المغاربي محورا أساسيا في سياسة الرئيس زين العابدين بن علي الذي يعتبر البناء المغاربي خيارا استراتيجيا لا محيد عنه.
وقد عملت تونس منذ التحول على مزيد تطوير مختلف أوجه العلاقات السياسية والتعاون الاقتصادي مع كل من ليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا، حيث تضاعفت مبادلاتها التجارية معها عديد المرات منذ سنة 1987.
الفضاء العربي والإسلامي
ظلت تونس متمسكة بانتمائها إلى محيطها العربي وتعمل على تأكيد التزامها الثابت بأهمية دفع العمل العربي المشترك والإسهام الفاعل في تعزيز التضامن العربي ووحدة الصفّ والمواقف إزاء القضايا العربية الجوهرية.
ومثّلت القمة العربية السادسة عشر المنعقدة بتونس سنة 2004 مرحلة هامة أسست لنقلة نوعية في العمل العربي المشترك وأكدت عزم المجموعة العربية على الانخراط في مسار الإصلاح الشامل من التطوير والتحديث وعلى توطيد أسس الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والارتقاء بدور المرأة وتكريس الانفتاح على الغير حتى تستعيد الأمة العربية المكانة الجديرة بها على صعيد الحضارة الكونية.
وتحتضن تونس مركز الجامعة العربية والعديد من المنظمات العربية المتخصصة وهي المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم واتحاد إذاعات الدول العربية والهيئة العربية للطاقة الذريّة والأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب والمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال.
من جهة أخرى، عملت تونس أيضا على دعم أواصر الأخوّة والتضامن بين الدول الإسلامية، سواء في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي أو في علاقاتها الثنائية مع البلدان الإسلامية خاصة من أجل إبراز القيم السامية والمبادئ السمحة التي يقوم عليها الدين الإسلامي الحنيف باعتباره دين التسامح والاعتدال والوسطية والتصدّي إلى ما تروّجه بعض الأوساط من دعايات مغرضة ضدّ الإسلام والمسلمين.
المحيط الإفريقي
يعتبر احتضان تونس للقمة الإفريقية الثلاثين سنة 1994 حدثا متميزا في مسيرة العمل الإفريقي المشترك أكده الدور النشيط الذي قام به رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي خلال رئاسته للمنظمة من جوان 4991 إلى جوان 1995 والذي تمثل بالخصوص في مبادراته الرامية إلى إيجاد الحلول للنزاعات القائمة وإحلال السلام والاستقرار في إفريقيا والنهوض بالعلاقات الإفريقية على أساس التعاون والتضامن.
كما ساهمت تونس في تأسيس الاتحاد الإفريقي سنة 1002 واضطلعت بدور هام صلب مؤسساته. وانتخبت لعضوية مجلس السلم والأمن للفترة 2008-2010. وهي تشارك بفعالية في مختلف الفضاءات الاندماجية الإفريقية لا سيما تجمع دول الساحل والصحراء والمجموعات الاقتصادية الإقليمية ومختلف المنتديات التي تنظمها بقية دول العالم مع القارة الإفريقية وفي مقدمتها المنظمة الدولية للفرنكفونية..
وعلى الصعيد الثنائي تعمل تونس، على تطوير مبادلاتها التجارية وتعزيز علاقات التعاون الفني مع الدول الإفريقية من خلال دفع الصادرات التونسية ووضع الخبرات التونسية على ذمة الدول الإفريقية الراغبة في الاستفادة منها سواء على مستوى التعاون الثنائي أو الثلاثي
الفضاء الأوروبي والمتوسطي
تجمع تونس وأوروبا علاقات عريقة ذات أبعاد استراتيجية وجيوسياسية واقتصادية وثقافية، حيث تمثل أوروبا وخاصة البلدان الأعضاء في الاتحاد شركاء أساسيين لها. وتعتبر أوروبا الشريك الأول لتونس، إذ تقدر حصتها في التجارة الخارجية بــ 80 بالمائة. كما أنّها تمثل مصدرا أساسيا للاستثمارات الخارجية المباشرة بالإضافة إلى تنوع وثراء التعاون المالي والثقافي والعلمي والتقني ووجود تدفق سياحي كبير. كما أنّ أوروبا تأوي نسبة كبيرة من الجالية التونسية المتواجدة بالخارج.
وكانت تونس أول دولة من الضفة الجنوبية للمتوسط تمضي اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي سنة 1995.
كما كانت أول دولة من جنوب المتوسط تدخل في اتفاقية منطقة تبادل حر للمواد الصناعية مع الاتحاد الأوروبي بداية من جانفي 2008.
أما في ما يتعلق بالفضاء الأورومتوسطي، فقد دعمت تونس قيام الحوار 5 زائد 5 منذ انطلاقته في روما سنة 1990 وساهمت في رسم معالمه وتعزيز مقوماته وإعادة تنشيطه من خلال احتضانها لقمته الأولى سنة 2003.
وساهمت تونس في فعاليات مسار برشلونة وحرصت على دفعه كما رحبت بالاتحاد من أجل المتوسط الذي تم الإعلان عن تأسيسه في قمة باريس يوم 13 جويلية 2008.
بلدان أمريكا وآسيا
كانت تونس ولا تزال حريصة على تطوير علاقاتها مع بلدان القارتين الأمريكية والآسيوية لقناعتها بالأهمية الاستراتيجية لهذه البلدان على الساحة الدولية سياسيا واقتصاديا، فضلا عن سعيها لتنويع الشركاء ودخول الأسواق الواعدة واستكشاف فرص جديدة للتعاون.
وشهدت السنوات الأخيرة انعقاد العديد من اللجان المشتركة بين تونس وهذه البلدان توجت بتوقيع مجموعة هامة من اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات، إضافة إلى ارتفاع وتيرة تبادل زيارات كبار المسؤولين ورجال الأعمال والخبراء.
علاقات تونس بالمنظمات الدولية
تعزز الحضور الدبلوماسي التونسي متعدد الأطراف منذ التحول من خلال المشاركة النشيطة في المؤتمرات الإقليمية والدولية وتمثيل تونس في الهياكل الرئيسية للمنظمات الدولية.
مجلس الأمن
كان انتخاب تونس كعضو غير دائم بمجلس الأمن خلال الفترة 2000-2001، مناسبة للتأكيد على مقاربتها في معالجة القضايا الدولية من خلال الترابط الوثيق بين أبعاد السّلم والأمن والاستقرار والتنمية وضرورة معالجة الأسباب العميقة للنزاعات ومقاومة الفقر والتهميش للوقاية من عوامل التوتر وعدم الاستقرار في العالم.
مجلس حقوق الإنسان
تمّ انتخاب تونس في 9 ماي 2006 عضوا مؤسسا بهذا الهيكل الجديد لمنظمة الأمم المتحدة تثمينا لمكاسب بلادنا ومقاربتها الشاملة في مجال حقوق الإنسان.
المؤسسات المتخصّصة
رسّخت تونس مكاسبها في مجال التعاون الاقتصادي والمالي والعلمي والتكنولوجي مع المؤسسات والهياكل المتخصصة لمنظمة الأمم المتحدة وبادرت بالتوقيع على عديد الاتفاقيّات متعدّدة الأطراف، وهي عضو مؤسس للمنظمة العالمية للتجارة.
تثمين دولي لمكاسب تونس
تبوأت تونس مراكز متقدمة دوليا في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية ضمن معايير الهيئات والمؤسسات الدولية المتخصصة تأكيدا للتقييم الإيجابي الذي تحصل عليه الاقتصاد الوطني ومن أواخر تجلياته احتلالها المرتبة الأولى مغاربيا وقاريا في مجال التنافسية الاقتصادية الجملية (تقرير 2007-2008).
التونسيون بالخارج
تعتبر الإحاطة بالجالية التونسية بالخارج من الخيارات الأساسية لتونس التحول وتحظى بمتابعة مستمرة من لدن الرئيس زين العابدين بن علي. وفي هذا الإطار، تعددت المبادرات والإجراءات الرئاسية الرامية إلى توفير مختلف أشكال العناية بالتونسيين في الخارج وترسيخ شعور الانتماء للوطن لديهم. ومن أبرز الإجراءات والمبادرات المتخذة إحداث ديوان يعنى بمشاغل التونسيين في الخارج في 2 جوان 1988، وتشريك الجالية في مختلف الانتخابات الرئاسية التي نظمت منذ سنة 1989 وكذلك في الاستفتاء الشعبي حول تعديل الدستور سنة 2002 إضافة إلى تأمين مشاركتها في مختلف المؤسسات الدستورية وخاصة بمجلس المستشارين، وإفراد التونسيين بالخارج بمحور كامل ومستقل ضمن البرنامج الرئاسي لتونس الغد" التونسيون بالخارج تواصل حضاري وسند للتنمية (النقطة 18).
وفي إطار تعزيز مساهمة التونسيين بالخارج في مجهود التنمية وربط صلتهم بالوطن، تم اتخاذ عدة إجراءات ترمي إلى تشجيع أبناء الجالية على الانخراط في الحركية الاقتصادية بالبلاد وإقامة المشاريع. وقد كان لهذه الإجراءات نتائج طيبة تمثلت خاصة في تضاعف حجم تحويلات الجالية أكثر من خمس مرات خلال الفترة من 1987 إلى 2007.
(المصدر : وزارة الشؤون الخارجية)